السياحة والمرأة...


تقول – فوزية البكر – في موضوع بعنوان (السياحة الخليجية) في 2/4/1417هـ تقول بعد كلام كثير عن الملاحظات على السواح السعوديين في الخارج (ولن أنسى ما قالته إحدى الخليجيات رداً على نساء إحدى الإنجليزيات عن السبب في عدم تردد الخليجيين على المزارات السياحية كالمتاحف المعارض كما هي الحال مع بقية السواح من عباد الله.. إذ التفتت الفتاة الخليجية عليها لتقول: نشم التاريخ في كل ركن من بلادنا ما نحتاجه فعلا ليس هو البحث عن الآثار، بل الهروب منها..
كل منا يبحث عما يفتقده.. ويكفي من السياحة أن أكون قادرة على المشي بحرية اجتماعية على رصيف الشارع دون أن يُلاحظني من يأمرني بتغطية أظافري لأنها (تزني المرأة) أو صعلوك يفرض غلاظته في محاولة سمجة للتحرش.
أُريد فقط أن أشم هواء بارد دون أن أكون قلقة من مراقبة اجتماعية أو أخلاقية .. لذا فنحن الخليجيون مصابون بالحساسية من بعضنا ، كل منا يهرب من الآخر ونُرحب فقط بمن لا نعرف .. بمن لا يتمكن من كشف أوراقنا أو التفتيش في مخلفات قناعاتنا المزورة التي نمارسها بمهارة داخل الحدود .. ولكن ستبقى الأسئلة مطروحة وسيظل ما نعرفه سياحياً مختلفاً عن التعريف العالمي حتى تبدأ المجتمعات في التوازن ويتضح مفهوم الحقوق الشخصية والحقوق الاجتماعية .. وحتى نتمثل صيغة مقبولة ثقافياً واجتماعياً وقادرة على استيعاب الاحتياجات الاجتماعية المتفرعة .. وحتى ذلك الحين ..علينا أن نتحمل ما يحدث كأحد الدمامل الاجتماعية التي يفقأها عين السفر ) .
وتقول – جهير المساعيد – في الرياض العدد ( 10267 ) في موضوع ( نساء المصيف ) بعد كلام طويل تقول : ( تريدوننا نقضي إجازتنا وصيفنا في الداخل ؟ حسناً .. أنا امرأة .. ماذا أفعل وأين أذهب ؟ المصائف المحلية كل برامجها للرجال فقط ، والملاهي للأطفال .. أما النساء فمحذوفات من القائمة ولا يأتي ذكرهن إلا على لوحة معلقة (( ممنوع دخول النساء )) وبعض الملاهي أيضاً .. وإذ إن الواحد منهن – أي من النساء – تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وتصلي وتصوم وتزكي وتفعل الخير لوجه الله ، وتضع النقاب – وهذا غير الحجاب – ثم إذا سقطت عباءتها سمعت مالا تحب أن تسمعه .. وتطعن في دينها و…. وإذا لم تسمع التأنيب والعتاب والتقريع .. لا تنجو للأسف من النظرات المتلصصة والخارقة النفاذ لو امتدت يدها .. أو اهتزت جفونها .. أو رفعت قدمها على الأخرى .. وكأن كل امرأة تخرج إلى النور والهواء فاجرة ، ولأنها لا تريد أن تخسر كل شيء تعتز به .. ولأنها ليست بفاجرة .. البيت أحسن .. قد يقول قائل : في السفر يحدث هذا أيضاً .. وأقول : لا .. في السفر إذا احترمت نفسك أنت الإنسان .. امرأة أو رجل لا يعتدي عليك أحد ، إذا وضعت لنفسك حدوداً وتعاملت مع قيمك ومثلك ومبادئك فرضت على الآخرين كيف يتعالمون معك .. في السفر حريتك اختيار لدينك وليس اختيار لنوع جنسك ( ثم تستمر حتى تصل إلى ) .. هي زوجته في البيت وخارج البيت .. وعند الناس وأمام الناس .. تحب أن تمشي معه بأمان .. وأن تضع كتفها بجوار كتفه .. وأن يتحدثا .. يختلفان أو يتفقان لا يهم .. المهم أن لغة الحوار مشتركة .. والإجازة مشتركة .. والتفاهم مشترك .. تحب أن تحتسي معه فنجاناً من القهوة خارج أسوار البيت التقليدي .. دون أن يهمس ضدهما أحد .. ودون أن يتربص بهما أحد .. ودون أن تختلس الهواجس المغلقة وقتهما معاً فتمتد يده على غير وعي منه إلى جيبه وبفزع أكيد حتى يطمئن ويهدأ أن هويته معه وبطاقته في جيبه ليثبت للجميع أن هذه زوجته .. أو وقته عند اللزوم وما أكثر هذا اللزوم!!
السياحة شجرة وماء وظل ومكان جميل .. نعم .. لكن بهذا وحده لا تكفي .. السياحة مشاركة وأخلاق .. وإذا كنتم تريدون حقاً أن تكون السياحة الداخلية مطلب الناس وشوقهم واهتمامهم فلا مفر من أن تعترفوا بوجود المرأة .. ضعوا لها برامج ترفيهية وثقافية وفكرية .. وتعلموا كيف تتعاملون معها ليس على أنها ظل يستحق إهماله ، ولكن على أنها وجود يستحق احترامه.

يتبع..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بك أخي القارئ...
يسعدنا رأيك ومشاركتك في نقد مواضيعنا في كل حين..