التعبير عن الرأي في الفقه الإسلامي..


يقصد بـ (حق التعبير عن الرأي ) : هو أن يتمتع الإنسان بكامل حريته في الجهر بالحق ، وإسداء النصيحة في أمر الدين أو الدنيا؛ فيما يحقق النفع ، ويصون مصالح الفرد والمجتمع ، فيما يتعلق بالحاكم أو المحكوم.
·                   الأصل والتقعيد الفقهي للمسألة :
لقد كرم الله تعالى الإنسان على سائر مخلوقاته ؛فخلق آدم بيده ، وأسجد له ملائكته ، وسخر له مافي السموات وما في الأرض جميعا منه ، وأنزل إليه الكتب ،وأرسل إليه الرسل ؛ ليعبدَاللهَ تعالى وحدَه لاشريك له ، واستعمرالله تعالى البشر في الأرض ؛كما قال نبي الله صالح عليه السلام لقومه ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ واستَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ قال ابن كثيررحمه الله : "واستعمركم فيها : أي: جعلكم فيها عُمَّارا تعمرونها وتستغلونها ". وقد مكّن الله تعالى البشر بطاقات ومواهب منه سبحانه ؛وكُلُّ ذلك من أجل أن يوحدوه ويقيموا شرعه سبحانه ؛كما قال تعالى ﴿وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون ﴾ وإن هذا التكريم ، وتلك المهمة المناطة ببني البشر لتجعل من الحياة الدنيا محلا للتنافس والسباق للعمل الصالح ، ومن المهم إزاء ذلك أن يُمنحَ الإنسانُ حقّهُ في التعبير عن رأيه بكل وضوح ؛ ليبني نفسه والمجتمعَ من حوله بالتفاهم المشترك ، وقد كفل الشرع المطهرهذا الحق ورعاه ، وأعطى الحرية المنضبطة المسؤولة للتعبير ،فالله تعالى شرع التعبيرعن الرأي للبشر ،ليس انفلاتا من القيود؛ ليصبح الفرد يعبر عن كل ما جال في نفسه ؛مما يخالف شرع الله تعالى ،والقواعد والمصالح المقررة ، ولم يأت الشرع ليُكمِمِ الأفواه ، ويكبت الحريات ، بل جعل التعبير مُرتَهنا بالحق والمصلحة ، ومتاحا لكل أحد ، ويتجلى ذلك في أدلة وصور ومواقف تفوت على الحصر ؛أذكر منها:
1-             قال تعالى ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ قال قتادة:" برهانكم: بينتكم على ذلك".
وجه الشاهد: أن الله تعالى وجه نبيه عليه الصلاة والسلام لِأَن يطلبَ من أهل الكتاب بينة على زعمهم من أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ؛فكفل لهم سبحانه حق التعبير عما رأوه خاصاً بهم إن كان  حقا وصدقا، وأما إن كان باطلا فهو مردود،مع أن الله تعالى هو مالك الجنة والنار سبحانه ، ولكنْ لتقوم الحجةُ على المخالف، وليتنبه الغافل المقلِّد وليكون على بينةٍ من أمره.
2-                نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يجلس مع الذين يخوضوا في آياته فقال سبحانه ﴿ وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسيك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين ﴾. ذكرالقرطبي رحمه الله في تفسيره أن الخوض منهم في آيات الله تعالى هو التكذيب والاستهزاء،وأن النهي عن القعود معهم عام للنبي صلى الله عليه وسلم وغيره"
وجه الشاهد:  أن التعبير عن الرأي الباطل ؛ كأن يكون تكذيبا بالحق ، وردا للهدى واستهزاء ، لا يجوز ، ولا يجوز إقراره ، ولا الجلوس مع من يخوض هذا الخوض ، فدل هذا على مشروعية ما عداها من التعبير عن الحق ، بل حث على التماس مجالس الذكر ، وسماها رياض الجنة.
3-                قوله تعالى ﴿ وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم﴾ . قال ابن العربي: " الأذان هو الإعلام لغة من غير خلاف ،المعنى براءة من الله ورسوله وأذان من الله ورسوله؛ أي هذه براءة وهذا إعلام وإنذار ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) ".
وجه الشاهد:      أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم تبرأا من المشركين وفعالهم ، وقد أرسل صلى الله عليه وسلم أبا بكر وأردفه بعلي  في موسم الحج قبل حجه   ليبلغوا الناس أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، وهذا الإبلاغ منهما هو تعبير عن الرأي ، فعُلم من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسى هذا الحق وطبّقه عمليا ، وعلمه لأصحابه.
4       - ماروى أبوهريرة رضي الله عنه :أن رجلاً تَقَاضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَغْلَظَ لَهُ ،فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَقَالَ :( دَعُوهُ ! فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا، وَاشْتَرُوا لَهُ بَعِيرًا فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ،وَقَالُوا لَا نَجِدُ إِلَّا أَفْضَلَ مِنْ سِنِّهِ ؟ قَالَ:"اشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إِيَّاهُ فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً ).
قال ابن حجر رحمه الله : ( فإن لصاحب الحق مقالا ) : أَيْ صَوْلَةُ الطَّلَب وَقُوَّةُ الْحُجَّةِ ، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَدَبِ الْمَشْرُوعِ ".وقال :" وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْمُطَالَبَةِ بِالدَّيْنِ إِذَا حَلَّ أَجَلُهُ . وَفِيهِ حُسْنُ خُلُقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِظَمُ حِلْمِهِ وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه ، وَأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْن لَا يَنْبَغِي لَهُ مُجَافَاة صَاحِبِ الْحَقِّ ، وَأَنَّ مَنْ أَسَاءَ الْأَدَب عَلَى الْإِمَامِ كَانَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ بِمَا يَقْتَضِيه الْحَالُ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ).
وجه الشاهد:أن الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه قد أقرصاحب الدين على مطالبته ، وفسح له المجال للتعبير عن رأيه ؛ لأنه حق له ، بل ونهى صحبهُ الكرامُ أن يؤذوه بشئ ؛ وعلل ذلك بقوله :" فإن لصاحب الحق مقالا".
5- إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ عندما بعثه إلى اليمن على أن يحكم برأيه إن لم يجد نصا من كتاب أو سنة ؛ كما أخرج أحمد رحمه الله في مسنده عن مُعَاذ ٍرضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لِمُعَاذِ بن جَبَلٍ حين بَعَثَهُ إلى الْيَمَنِ فذكر كَيْفَ تَقْضِى إن عَرَضَ لك قَضَاءٌ؟  قال" أقضي بِكِتَابِ اللَّهِ.  قال: فإن لم يَكُنْ في كِتَابِ اللَّهِ؟ قال :فَسُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم يَكُنْ في سُنَّةِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قال: أجتهد رأيي وَلاَ آلُو. قال: فَضَرَبَ صدري فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي وَفَّقَ رَسُولَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَا يُرْضِى رَسُولَهُ ).
وجه الشاهد : أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرّ معاذا رضي الله عنه على الحكم بالرأي منه إن لم يكن ثم نص ،ومعاذ كان من أهل النظروالاجتهاد، وهذا أصل من أصول جوازالتعبيرعن الرأي .
6-                الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة من شعائر الدين الحنيف ، وتتجلى فيهما أبرز صور التعبير عن الرأي ، فعندما يأمر المسلمُ بمعروف أو ينهى عن منكر فهو يمارس حقا من حقوقه في التعبير عن رأيه حيال هذا الأمر ، وهو يستمد رأيه من خلال شرع الله تعالى، ويتأكد الحث على الأخذ بهذه الشعيرة العظيمة؛ لأن الله تعالى ربط الخيرية لهذه الأمة بقيامها بالإيمان بالله تعالى والأخذ بهذه الشعيرة ،فقال تعالى :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..الآية ﴾ بل قرن سبحانه شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإيمان بالله ؛لأن الإيمان الحق يستلزم إقامة هذه الشعيرة ؛ولا يُقر بالمنكر، وقد أكد الرسول عليه الصلاة والسلام على هذا الحق فقال كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا : ﴿  مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ،فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ،وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ﴾.
وجه الشاهد:أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب في الحديث تغيير المنكر على كل إنسان حسب قدرته ، وبيّنَ المراتبَ للإنكار ووسائله ، وقرن الله تعالى في الآية الكريمة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله ؛ ليؤكد أهمية الشعيرة العظيمة ، وأنهادليل صدق الإيمان ، وهذا يدلنا على إيجاب إبداء الرأي فيما يراه المسلم في الحياة غيرَ موافقٍ لما يحبه الله تعالى ، أو غير موافق لمصلحة الفرد والمجتمع ،وأن ذلك من لازم الإيمان .
7-                عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مَرْوَانُ ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: الصَّلَاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ! فَقَالَ: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ . فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ :أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ  : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ). وهذا الحديث عند مسلم وفيه أن الرجل المنْكِر على مروان بن الحكم رجلٌ مبهم لم يُسم ، وجاء عند البخاري أن الذي أنكر عليه ، بل وجبذه، هو أبو سعيد نفسه ،قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : "فَيُحْتَمَل أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ إِحْدَاهُمَا لِأَبِي سَعِيد وَالْأُخْرَى لِلرَّجُلِ بِحَضْرَةِ أَبِي سَعِيد". وهذا ماجزم به ابن حجر رحمه الله في "الفتح".
وجه الشاهد: أن أبا سعيد رضي الله عنه طبّق عمليا ما تعلمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعبّر عن رأيه بما رآه مخالفا لهدي الشرع ، وهذا تأكيد على عناية الصحابة بحرية التعبير عن الرأي وأنه حق حتى مع الخلفاء والأمراء . قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"  بعدما ساق الحديث:"وَفِيهِ : إِنْكَارُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْأُمَرَاءِ إِذَا صَنَعُوا مَا يُخَالِفُ السُّنَّةَ ".ومعلوم - كما سيأتي- أن ذلك وَفْق الضوابط والمصالح المرعية .
وقد جاء في مسند عبد بن حُميد : عن أبي مسلمة قال : سمعت أبا نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه أوعلمه » ، قال أبو سعيد : فقد حملني ذلك على أن ركبت إلى معاوية فملأت أذنيه ، ثم رجعت.[1]وقد روي مرفوعا في صحيح ابن حبان
8-                التعبير عن الرأي تُجاه الأشخاص وتقييمهم إن كان في ذلك مصلحة متحققة، فهو حقٌ منحه الشارع لكل فرد ، ويدلنا على مشروعية ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَجُلًا اسْتَأْذَنَ على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رَآهُ قال:( بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ وَبِئْسَ بن الْعَشِيرَةِ، فلما جَلَسَ تَطَلَّقَ النبي صلى الله عليه وسلم في وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إليه، فلما انْطَلَقَ الرَّجُلُ قالت له عَائِشَةُ :يا رَسُولَ اللَّهِ ! حين رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ له: كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ تَطَلَّقْتَ في وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إليه ؟! فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (يا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا؟! إِنَّ شَرَّ الناس عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يوم الْقِيَامَةِ من تَرَكَهُ الناس اتِّقَاءَ شَرِّهِ ).
نقل ابن حجررحمه الله في "الفتح " رأي الخطابي في قول الرسول عليه السلام : (بئس أخو العشيرة ) وهوأنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم ، فرد ابن حجر ذلك وقال :" وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ كُلّ مَنْ اِطَّلَعَ مِنْ حَال شَخْص عَلَى شَيْء وَخَشِيَ أَنَّ غَيْره يَغْتَرّ بِجَمِيلِ ظَاهِره فَيَقَع فِي مَحْذُور مَا ،فَعَلَيْهِ أَنْ يُطْلِعهُ عَلَى مَا يَحْذَر مِنْ ذَلِكَ قَاصِدًا نَصِيحَته.."وقد بوب البخاري في صحيحه بابا أسماه : باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد،وأورد فيه حديث عائشة رضي الله عنها، ونقل ابن حجر قول ابن بطال فقال : " وَحَاصِله أَنَّهُ حَيْثُ ذَمَّهُ كَانَ لِقَصْدِ التَّعْرِيف بِحَالِهِ، وَحَيْثُ تَلَقَّاهُ بِالْبِشْرِ كَانَ لِتَأْلِيفِهِ أَوْ لِاتِّقَاءِ شَرّه ، فَمَا قَصَدَ بِالْحَالَتَيْنِ إِلَّا نَفْع الْمُسْلِمِينَ"وقرر ابن حجر جواز تعبير المسلم عن رأيه تُجاه الأشخاص في حالات ذكرها العلماء فقال :" قَالَ الْعُلَمَاء : تُبَاح الْغِيبَة فِي كُلّ غَرَض صَحِيح شَرْعًا حَيْثُ يَتَعَيَّن طَرِيقًا إِلَى الْوُصُول إِلَيْهِ بِهَا : كَالتَّظَلُّمِ ، وَالِاسْتِعَانَة عَلَى تَغْيِير الْمُنْكَر ، وَالِاسْتِفْتَاء ، وَالْمُحَاكَمَة ، وَالتَّحْذِير مِنْ الشَّرّ ، وَيَدْخُل فِيهِ تَجْرِيح الرُّوَاة وَالشُّهُود ، وَإِعْلَام مَنْ لَهُ وِلَايَة عَامَّة بِسِيرَةِ مَنْ هُوَ تَحْت يَده ، وَجَوَاب الِاسْتِشَارَة فِي نِكَاح أَوْ عَقْد مِنْ الْعُقُود ، وَكَذَا مَنْ رَأَى مُتَفَقِّهًا يَتَرَدَّد إِلَى مُبْتَدِع أَوْ فَاسِق وَيُخَاف عَلَيْهِ الِاقْتِدَاء بِهِ . وَمِمَّنْ تَجُوز غِيبَتهمْ مَنْ يَتَجَاهَر بِالْفِسْقِ أَوْ الظُّلْم أَوْ الْبِدْعَة.."
وجه الشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم عبّر عن رأيه في ذلك الرجل ؛ليكشف لمن حوله عن حاله ، فيتقوه ويحذروه ، وفي ذلك مصلحة ظاهرة.
9-                (المسلمون مطالبون بالتناصح والتشاور في أمورهم العامة ،يقول الله تعالى مخاطبا نبيه عليه الصلاة والسلام ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ ،و ويمتدح الله ، المجتمع المسلم الذي يكون من صفاته وآدابه الشورى ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾
وجه الشاهد:    أن في حث الشرع على الشورى حث على التعبير عن الرأي وإبدائه.

يتبع...
إعداد : محمد بن عبدالله بن سليمان الدخيل



[1] ) انظر المنتخب من مسند عبد بن حميد؛لعبد بن حميد بن نصر أبو محمد الكسي .(1/275).  مكتبة السنة . القاهرة . ط عام 1408هـ. تحقيق: صبحي البدري ومحمود الصعيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بك أخي القارئ...
يسعدنا رأيك ومشاركتك في نقد مواضيعنا في كل حين..