وهنا جانب آخر من كشف العورات والذي يتحمل الأطباء جريرته:
في غرفة العمليات يمر المريض بعد التخدير بمرحلة التجهيز والإعداد ، ولم أكن أدخل غرفة العمليات إلا بعد تجهيز المريض غالباً ، حينما يكون مستوراً إلا موضع الجراحة ، ودخلت مرةً أثناء مرحلة التجهيز ، فرأيت شاباً قد تم تخديره ، وهو مستلقٍ على طاولة غرفة العمليات ، و هو عار تماماً ليس عليه شيء يستره ، وازداد الأمر سوءاً في عملية المنظار وقسطرة البول ، وعند إزالة الشعر من أسفل بطن المريض . ومن العسير أن أصف التفاصيل تأدباً مع القارئين، وهذه المشاهد رآها جميع الحاضرين في الغرفة من الممرضات ، والفنيين وطبيب التخدير . وهذا الموقف كان من أصعب اللحظات التي مرت علي في هذه الرحلة و أصبحت مهموماً بعدها لعدت أسابيع ، ويعود إلي الهم والألم كلما تذكرت هذا الموقف .
وبعد أيام سألت أحد الأطباء فقلت له : هل يُفعل بالمرأة ما رأيت من المنظار وقسطرة البول من قبل الرجال ، وأمام جميع الحاضرين ؟ . فقال نعم ، ولا فرق .
وأخبرني أحد الأطباء فقال : لما كنت في سنة الامتياز ، وكنت في قسم النساء والولادة ، جاءت امرأة في حالة إسعافية وقد أصابها النزيف ، فدعانى الطبيب الاستشاري لحضور الكشف عليها ، فلما أتينا . قالت المريضة : لا أريد أن يكشف علي إلا امرأة . فانزعج الاستشاري مما قالت فطردها من القسم أمامنا .
كتب إلي أحد أطباء الامتياز : " دخلت ذات مرة على غرفة عمليات فوجدت بها امرأة عارية تماماً وفي حالة مزرية وحولها الطاقم الطبي من الرجال والنساء ، وذلك قبل بدء العملية ". انتهى كلامه .
ويقول أحد الأطباء : يأتينا بعض النساء وهي في غاية الستر والحشمة ، وتطلب وتلح في أن يتولى إجراء عمليتها امرأة فنوافقها على ما تطلب ، وبعد التخدير نتولى نحن الرجال العملية الجراحية والتي تكون في العورة المغلظة ، وهي لا تعلم . و حالُها يكون مكشوفاً أمام الجميع من ممرضين ، وفنيين ، وطبيب التخدير ، بل حتى عاملِ النظافة إذا دخل الغرفةَ للتنظيف . وبعد ذلك يتم التوقيع في التقرير باسم إحدى الطبيبات . فانظر إلى أخلاقيات المهنة .
وهذه استشارية في قسم النساء والولادة ، تقول لمن معها من طلاب الامتياز إذا جاءت حالة إسعافية وطلبت طبيبة ، فقولوا لها: لا يوجد طبيبة . يحدثني أحدهم فيقول : كنا نكذب على المريضات ، فنقول : لا يوجد طبيبة ، فبعضهن ترضخ للواقع وهي تبكي ، و بعضهن يذهبن إلى مستشفى آخر .
وحدثني أحد المشايخ الفضلاء فذكر : أنه ذهب بزوجته إلى مستشفى الولادة ، ورأى القابلات الحاجة إلى مجيء الطبيب ، فأبت زوجته أن يأتيها رجل . فقالوا : لا يوجد طبيبات ، فاتصلت بزوجها فجاء فأصر على مجيء طبيبة وإلا خرج بها إلى مستشفى آخر ، فلما أراد إخراجها من المستشفى ، أتوا له بورقة إخراج المريض ، وأنه بناءً على طلب المريض. يقول وقعت عليها ، وكتبت أخرجتها بناءً على قولهم : لا يوجد في المناوبة طبيبات . يقول الشيخ : فجاء في الحال طبيبتان .
يتبع...
بقلم / يوسف بن عبد الله الأحمد
أستاذ الفقه المساعد بجامعة الإمام / كلية الشريعة بالرياض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بك أخي القارئ...
يسعدنا رأيك ومشاركتك في نقد مواضيعنا في كل حين..